الإصلاح التربوي العام
<script type="text/javascript" src="http://widgets.amung.us/tab.js"></script><script type="text/javascript">WAU_tab('6ocfj484yzd8', 'left-middle')</script>
center]مشروع المؤسسة 613623[/center]
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا مشروع المؤسسة 829894
ادارة المنتدي مشروع المؤسسة 103798
الإصلاح التربوي العام
<script type="text/javascript" src="http://widgets.amung.us/tab.js"></script><script type="text/javascript">WAU_tab('6ocfj484yzd8', 'left-middle')</script>
center]مشروع المؤسسة 613623[/center]
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا مشروع المؤسسة 829894
ادارة المنتدي مشروع المؤسسة 103798
الإصلاح التربوي العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الإصلاح التربوي العام


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مشروع المؤسسة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمادي 100




عدد الرسائل : 250
العمر : 48
نقاط : 21800
تاريخ التسجيل : 22/08/2014

مشروع المؤسسة Empty
مُساهمةموضوع: مشروع المؤسسة   مشروع المؤسسة Icon_minitimeالأربعاء يوليو 01, 2015 3:27 pm

مشروع المؤسسة

الجزء الأول

بيداغوجية المشروع
هل الرّواج الذي يحظى به مفهوم مشروع المؤسسة هو مجرّد تأثير "الموضة" على عالم التربية والتعليم، أم هو نتيجة طبيعية - إنْ لم نقل حتمية - لحركات ثقافيةعميقة ملازمة للعصرنة ؟ سنحاول التعرّض إلى هذا الموضوع الذي يُعتبَر حديث الساعة في الوسط التربوي الجزائري، من أساسه، أي من قدرات التلاميذ الذّاتية على بناءالمشروع، لأنّ، ما يجب الاقتناع به اليوم، هو أنّ المدرسة لم تعد تلك الآلة المنتجة للثقافة، المحافظة على العادات والتقاليد الموروثة، المنتجة لنوع من المواطنين يواجه العالم باسم الأصالة. فالمدرسة - بتفتّحها على العالم الخارجي،بخضوعها للوسائل المعلوماتية التي غزتها من كلّ جانب، وكشفت عن عيوبها ونقائصها-وجدت نفسها عاجزة عن المواجهة بمناهجها وخططها وطرائقها التقليدية... والحلّ يكمُن في البحث عمّا من شأنه أن يُخرِجها من هذا المأزق. الصراع طويل النفس بين مَن يشدّهم الحنين إلى النموذج القديم بما ينجرّ عن هذا التشبُّث من أزمة ثقة نحومشروعية المدرسة، وبين أنصار التجديد الذين ينشدون النخبوية ومسايرة النموّالاقتصادي، وأولئك الذين يدافعون عن تمدرس أكثر تعبيراً وتفتّحاً... وبهذا، تجدالمدرسة (بجميع أطوالخارجون عن القانون: الابتدائي، المتوسط، الثانوي، العالي) نفسها عرضة لضغوطات ومساومات متناقضة في أغلبها، عليها أن تُديرها وتتعايش معها؛ عليها أن توفّرتعليماً أكثر فعالية يستجيب لمتطلبات المجتمع؛ عليها أن تكوّن نخبة ما يُسمّى بالثقافة الكبرى (La grande culture)؛عليها أن تتكيّف مع جمهور متنوّع؛ عليها، أخيراً، أن توفّر نموذجاً تربوياً غير مؤسّس على بَداهة التقليد. وقد لاحظنا في الكثير من المناسبات هذه التوتّرات في مجالس الأقسام، وبخاصّة فيما يتعلّق بترتيب الموادّ وأهمّيتها، في ترتيب الشعب وتوجيه التلاميذ. وهنا يظهر بجلاء عدم تجانس هيئة التدريس، إذْ إنّ طريقة انخراطهم في سلك التعليم تختلف، تكوينهم يختلف، تصوّرهم يختلف... إنّ عملية استنساخ (Le clonage) الأساتذة لم يتمّ بطريقة صلبة لترسيخ تنظيم متجانس؛ وبهذا، نجد كلّ أستاذ يعمل بطريقته الخاصة،عملاً منعزلاً بين جدران قسمه...

لا يمكن ضبط النظام - من القمّة - من خلال تعليمات ونصوص تشريعية، وإنّما ينبغي أن يتمّ العمل الجادّ على مستوى القاعدة. فالتلاميذ يختلفون من حيث وضعهم الاجتماعي، الثقافي، الاقتصادي، البيئة التي ينتمون إليها... وهذا الاختلاف ينطبق على المؤسسات التعليمية من حيث غاياتها واهتماماتها... وهذا يشجّع على تبنّي سياسة المشروع التي تحاول إدراج " ما تختص به الجهة " في البرنامج التعليمي.

المشروع الذي نتحدّث عنه هو مشروع المؤسسة الذي يحوّل دور المدير المسؤول إدارياً على كلّما يجري بمؤسسته إلى مدير أعمال (Manager)، إلى منشّط فريق... إنّه مشروع الأساتذة الذين:
ا)- سيُفرَض عليهم العملُ في فريق والتخلّي عن فكرة الفردانية والانعزال...
ب)- سيُرغَََمون على تحديد أهداف مشتركة يلتزمون بتنفيذها.

وصفوة القول،أعتقد أنّ المدرسة لا تتحمّل إلاّ الإصلاحات الصغيرة. وهذا يفترض منح التلاميذ الحقوق اللازمة وإلزامهم باحترام الواجبات؛ أمّا الأساتذة، فإلى جانب الحقوق، يجب منحهم الحماية النظامية إذا أردنا خلق فضاء "سياسي" أين تُناقش وتُحدَّد أهداف التكوين. إنّ القدرة على بناء مشروع شخصي أو جماعي يرتبط أساساً ببناء الفضاء السياسي، فضاء يعترف بالاهتمامات المختلفة، بالثقافات المتناقضة، بالصراعات وبمشروعيتها...
المدرسة حاضراً ومستقبلاً:
يتذكّر المرْء ما يُنجزه بنفسه أكثر ممّا يتذكّر ما يُملَى عليه، إذْ إنّما يقوم به فعْلاً هو الذي يضمن ويرسّخ التعلّم، وهذا ما لا تقوم به المدرسة حالياً.

يقول"روجي كوزيني":« كلّ العمليات الدّيداكتيكية التي عاينتها ميدانياً تمثّل ثغرات وعقبات. فالمعلّم الذي يُكثر من الشرح والإلقاء، يميل تلاميذه إلى الحفظ، التقليد والمحاكاة، وبمجرّد امتناعه عن ذلك، تجدهم يتيهون ويفقدون توازنهم،لا يعرفون من أين يستقون المعلومات. إذا كان الأستاذ يُكثِر من التحليل والتجزئة فإنّ تلاميذه يتعوّدون على إعادة التركيب بحذافره... وبهذا، يخلق المعلّم لدى تلامذته عادات، وإنْ كانت مفيدة بالنسبة للبعض إلاّ أنّها لا تمثّل طريقةً للتعلّم. التلقين يعني تلقّي المعلومات، والتعلّم يعني البحث عنها. إنّ الطفل يتعلّم أكثر من دون تلقين لأنّه سيجد نفسه مضطرّاً للبحث عن المعارف. وإذا كان المعلّمون، إلى يومنا هذا، متشبّتين بطرائقهم التقليدية المألوفة، فلأنّهم لازالوا ضحيّة الوهم أو المخادعة البيداغوجية. إنّهم يقومون بنشاطات يؤمنون بها،ورثوها عن طريق التقليد، لا يمكنهم التشكيك في مصداقيتها وإلاّ تألّموا كثيراً لعدم جدواها... المعلّم هو مالك المعرفة والتلميذ جاء لينهل جزءاً من هذه المعرفة من منبعها الأصيل. دوْر المعلّم هو تلقين المعرفة ودوْر التلميذ هو الخروج من جهله.».
تصنيف التيارات البيداغوجية وبيداغوجية التعلّم:
كثيرةٌٌ هي نماذج تصنيف البيداغوجيا، والوصول إلى ذلك يختلف باختلاف المعايير الموظفة: عدد التلاميذ، نوعيتهم، مكانة المعرفة،الغايات، دور التلميذ، دور المعلّم... وهذا ما يجعل المعارضة المانوية - Opposition Manichéenne على أشدّها بين التعليم التقليدي المتمركز حول المعلّم والمحتويات، وبين التربية الحديثة المتمركزة حول المتعلّم. والظاهر أنّ هذا الصراع ما زال قائماً لم يُفصَل فيه نهائياً، ويتجلّى ذلك من خلال نتائج الأبحاث المقارنة الأنجلو ساكسونية حول هذه الطرائق، أمثال (بيترسون- 1979- Peterson)،(جياكونا وهيدجس-1983-Giacona & Hedges )الذين أثبتوا وجود نقاط مشتركة بين هذيْن النمطيْن من التعليم.

تصنيف "لويس نوط - Louis Not":يعتمد هذا التصنيف على التمييز بين عناصربنائية ثلاثة: (1) بنيوية المعرفة، (2) على الطريقة التي بُنِيت عليها المعرفة و(3) على الفاعلالأصلي: التلميذ. إنّ محدّدات اكتساب المعارف لا تنحصر في الشيء (الموضوع) وحده،ولا في الفاعل (التلميذ) وحده، ولا في ترجيح أحدهما على الآخر، بل في تفاعل الفاعلمع الشيء.
يميّز "لويس نوط" بين طرائق متعدّدة للتعلّم، منها :
- طريقة البناء المغاير:
طريقة يقوم المعلّم فيها بــ"تغيير الفرد أو تحويله" أي بتكوينه. يكون التلميذ مجرّد متلقٍّ أو مستقبل للمعارف التي يحدّدها ويفرضها أناسٌ آخرون: المعلّمون (عروض إلقائية،أسئلة...)، خبراء في الدّيداكتيك، أولياء... أجهزة وآلات تعوّض المعلّم. وبهذا،يكون ترجيح أولوية الفعل البيداغوجي لعامل خارجي: الأولوية للموضوع
طريقة البناء الذاتي: تشجّع نشاط التلميذ في بناء معارفه عن طريق الملاحظة والابتكار، والمعلّم يساعد التلميذ على "التحوّل"(Le transfert). وبهذا،يتمّ ترجيح نشاط التلميذ ذاته في تكوين نفسه: الأولوية للفاعل.
طريقة البناء المتداخل: إنّها تعني التعليم المدمج في التعلّم. إنّها طريقة تكوينية بنائية (Génético-structurale) للإعداد المعرفي الذي يعتبر المعرفة نتاجاً لنشاط التلميذ، لأنّ اكتساب المعرفة يعني إدماجها في شخصيته، ولن يتحقّق ذلك إلاّ بمساعدة المعلّم الذي يقوم بوظيفة الوسيط بين الموضوع والفاعل (المعرفة والتلميذ).
المشروع، مفهوم قديم – حديث:
إنّ مفهوم المشروع ليس جديداً بالنسبة لمجالات الحياة الإنسانية بما فيها المجال البيداغوجي: الزّواج مشروع، الولادة مشروع، تربية الأولاد مشروع، العمل مشروع، الطموح مشروع... والمشروع نوعان: فردي ومجتمعي. ومجال التربية هو مشروع ينتمي إلى النوع الثاني، بحيْث إنّ المجتمع خوّل له مهمّة تكوين أبناء اليوم ليكونوا رجال الغد وِفق نمط معيّن ومواصفات محدّدة من قبل ...
لِنذكِّّر بإيجاز ببعض الأعمال التي تمّت في هذا المجال الأخير:
1- مشروع "دالتون – Plan Dalton":
مخطط أو مشروع "دالتون" هو نظام بيداغوجي يندرج ضمن الحركات الكبرى التي كانت تدعو إلى فردانية التعليم في مطلع القرن العشرين. كان ذلك على يدِ السيّدة "باركهرست – 1905 – Hélèn Parkhrust"التي أعطت للعمل الفردي أهمّية جعلت منه نظاماً بيداغوجيا. ومنهجية هذا المشروع تتمثّل فيما يلي:

بالنسبة لكلّ مستوى تعليمي، ولكلّ مادّة دراسية، يُقسَّم البرنامج الرّسمي إلى عشر (10) عقود (Contrats) مناسبة للتلميذ من حيْث المعارف الواجب اكتسابُها خلال كلّ شهر من الشهور العشر للسنة الدّراسية بحيث يخصّص لكلّ عقد "معملٌ"(مختبر) يتمّ العمل فيه تحت إشراف معلّم أو موجّه. وهكذا، يكون التلميذ على دِراية مسبقة بما يُنتَظر منه فعلُه واستيعابه، وعليه أن ينظّم عمله ووقته وتعلّمه شخصياً ويوزّعه على السنة، كما تكون له الحرّية المطلقة في اختيار المعمل الذي يبدأ به، أي اختيار المحور الذي يراه مناسباً له ولمداركه فيندمج في "المعمل" الذي يتناول هذا المحور. بعدعملية الاختيار، يتعاقد التلميذ مع المعلّم ويلتزم بأداء كلّ المحاور المقرّرة في آجالها المحدّدة، كلّ محور بعقد خاص يوقّعه التلميذ ويُعاد إليه عند انتهائه منه.وهذه صورة العقد:

أنا ...................... التلميذ بقسم.................أتعهّد بأن أقوم بالمشروع.................................
التاريخ:............
التوقيع:...........
وفي نهاية السنة، يجب أن يكون كلّ تلميذعلى أتمّ الاستعداد لإثبات كفاياته وجدارته في جميع المحاور المبرمجة.

إنّ الغرض من هذه الطريقة كما تقول"باركهرست"هو« تنظيم الحياة المدرسية على نسق جديد، وكانت فكرتي أن أستبدل بذلك النظام الآلي الثقيل الذي كان متّبعاً، نظاماً سهلاً في الحياة المدرسية، يُمكّّن التلاميذ من الاستمتاع بقسط أوفر من الحرّية، ويهيّئ لهم بيئة أكثر ملاءمة لمختلف فروع دراستهم... وفوق ذلك فقد أردت أن أجعل صعوبات الدّراسة لكلّ تلميذ ملائمة لاستعداداته، وأن أهيّء لكلّ منهم مجالاً للتقدّم مهما كان خاملاً أو نابهاً».

تتطلّب هذه الطريقة أن يُقلِع المعلّم عن التعليم فتصبح وظيفته الإرشاد والتوجيه فحسب، فيلتزم الحضور إلى معمله لتوجيه مَن يحتاج إلى إرشاد أو توضيح، وليس من حقّه التدخّل في عمل التلميذ الذي له الحرية المطلقة في طلب الإرشاد أم لا. وكان دور المعلّم ينحصر فيما يلي:

1- خلق الجوّ الدراسي الملائم داخل معامل الدّراسة.
2- توضيح تفاصيل بعض التعيينات.
3- تدريب الأطفال على كيفية استخدام الوسائل والأجهزة، وعلى كيفية استثمار المواد المكتبية والبحث عن المراجع اللازمة.
4- تزويدهم بالنصح والإرشاد لحلّ بعض الوضعيات الإشكالية المعقّدة.
5- تلبيةً لطلب التلاميذ، قد يتدخّل المعلّم لشرح بعض النقاط الدّراسية ...
جاء في كتابها "التربية على طريقة دالتون": « إنّ الطريقة المعقولة هي أن نعمل مع الطلاب، فنبعث فيهم التشوّق إلى أن يُنقّبوا عن الأشياء بأنفسهم، وأن يضمّوا ما يصلون إليه من المعلومات بعضه إلى بعض، ليُناقش ويوضَّح في الدّرس».

كانت "باركهرست" تلحّ على استخدام مصطلح "المعامل"(المختبرات) في مشروعها، فكتبت في ذلك تقول:« إنّي أتمسّك بهذه الكلمة على أمل أن تنتقل تدريجياً وجهة نظر التربية وتبتعد عن جوّ التحيّز والنظريات الميتة التي تجرّها كلمة "مدرسة" إلى عقولنا، فدعْنا نفكّر في المدرسة على أنّها "معمل اجتماعي" يُصبح فيه التلاميذ أنفسهم المجرّبين لا الضحايا لنظام بائد لا حول لهم فيه ولا قوّة... دعْنا نفكّر في المدرسة على أنّها مكان تسود فيه الظروف الاجتماعية كما تسود في الحياة خارجها...»
لقد كان مشروع "دالتون" حلاًّ لمشكلة تكييف العمل المدرسي مع حاجات الأطفال الاجتماعية والفكرية والجسمية...وبذلك تكون المدرسة مجتمعاً يهيّء الخبرات التي تحرّر ميول الأطفال ودوافعهم، ومن ثمّ يُصبحون قادرين على تصريف أمور حياتهم فيتعوّدون على رسم الخطط والمشاريع وتنفيذها أثناء عملية التعلّم.

2- مشروع "ونّيتكا"1915- Winnetka:
جاء مشروع "ونيتكا " تدعيماً وتكملة لمشروع "دالتون" على يَد " كارل واشبورن- CarlWashburne".يفترض هذا المشروع معرفة – حسب سنّ الأطفال- كلّ ما في إمكانهم استيعابه، ومنها توصّل إلى إعداد بطاقات وإضبارات يقسَّم البرنامج الدّراسي وِِفقها. وأبرز مايميّزها، انتهاجها طريقة "تفريد التعليم" فاعتنت بتنظيم المنهاج وِِفق مراحل النموّ النفسي والتطوّر الذّهني للطفل. تشجّع الطفل على البحث عن المعلومات بطريقته الخاصة، تدفعه إلى القراءة حسب ميوله، وأداء التمرينات التي تجعله يكتسبما يُلائمه من معارف وتصحيح أخطائه بنفسه. وكلّما وقع الطفل في خطإ جالسه المعلّم وراجع معه قاعدة من القواعد تجعله يتخطّى هذا المانع... يطوف المعلّم بين الصفوف،يمدّ يد العون لمَن يطلبها، يُجيب عن الأسئلة، يوضّح ويشرح عند الطلب.

يُقسَّم عمل التلميذ، في نظام "ونيتكا"، إلى قسميْن: قسمٌ عام يشمل جميع التلاميذ بحيْث يكتسب التلميذ حدّاً أدنى من المعارف الأساسية حول الموضوع المعالَج عن طريق بطاقات منظّمة ومتدرّجة في الصعوبة... وقسم خاص بكلّ تلميذ عن طريق النشاط الحرّ: تمرينات وتدريبات تعبيرية متنوّعة... إبداعات... نشاطات اجتماعية متنوّعة... يؤدّيه التلاميذ فرادى أو ضمن أفواج (نوادٍ) أُسّست بمراعاة حرّية انتماء الطفل للفوج الذي يرغب العمل فيه. وهذا القسم الثاني هو الذي يبثّ الحياة في المدرسة ويشيع فيها روحاً اجتماعية.

تتمّ مراقبة نتائج التلميذ عن طريق الروائز (Tests) لإجلاء الثغرات ومواطن الضعف التي ما زال يعاني منها الطفل. قد ينتقل التلميذ من مستوى إلى آخر في ثلاثة أشهر، بينما ينتقل الآخر في ظرف أسبوعيْن.
3- بيداغوجية حل المشكلات:
يرى "جون ديوي"أنّ" التربية الحقّة ينبغي أن تتعدَّى عملية نقل المعلومات إلى العمل على تنمية الميول والاتجاهات الطبيعية لدى المتعلّم، وبخاصة اتجاهه نحو البحث والاستقصاء، على أن تساعد الخبْراتُ المدرسيةُ التلاميذَ على تعلّم طريقة البحث عن الأشياء والمعلومات بفاعلية بدلاً من اكتساب المعارف فحسب "
ولوعدنا إلى صنافة " جانييه " لأنماط التعلّم، لوجدْنا أنهوضع مستوى " حل المشكلات " في قمة هرم مستوياته، إذ تأسس على مختلفالمستويات القاعدية: المبادئ - المفاهيم -التمييز - الترابطات اللفظية والحركية- الإثارة والاستجابة - الاشارات.
- فما هوالمقصود بالمشكلة ؟
يعرِّفها "جون ديوي " على أنها " حالة حيرة وشك وتردُّد تتطلب بحثاً أو عملاًيستهدفاستكشاف الحقائق التي تساعد على الوصول إلى الحل "
المشكلة هي، إذن،عبارة عن وضعية غامضة، معقدة، تعرقل السير نحو تحقيق غرض ما. وهذا الغموض والتعقيدوالعرقلة، تتحدّى فكر الفرد وتستفزّه وتستثيره، وتجعله في حالة من القلق واللاتوازن، فيندفع في رفعهذا التحدي بالبحث عن حل لهذه المعضلة، وتبديد ذلك الغموض محاولاً تجاوز كل مانع يقف في طريقه عائقاً؛ ولن يهدأ له بال، ولن يرتاح له ضمير إلابتحقيق مبتغاه.
ومتى وُجِدت "مشكلة " ما، إلا وبرز "التفكير"لمواجهتها لكونه نشاطاً عقلياً يوظفه الفرد في حل مشاكله المستعصية.
فما هو التفكير ؟
إنّ التفكير عملية عقلية ونشاط عقلي، وتوتّر ذهني يحدث كلّما واجه مشكلٌ الكائنَ البشري، فيُعمِل عقله ويفكّر للتغلب على ذلك المشكل،ثم ينتهي التفكير عند حل الإشكالية.فالتفكير هو سلسلة منالمعاني تٌثار في المجال الذهني عندما يواجه الإنسان مشكلة أو يريد القيام بعمل ما.وبماأنّ حياتنا اليوميةمحفوفة بالمشاكل المتفاوتة من حيث التعقيد والغموض، لابد وأن ندرّب تلاميذنا علىكيفية البحث عن حل هذه المشاكل منذ صغرهم. وفي هذا المضمار يقول الفيلسوف اليوناني"سيكلمة بذيئةا":«علينا أن نعلم الطفل من أجل الحياة لا من أجل المدرسة».وبماأنّ المدرسة هي إعداد للحياة والعمل الايجابي، فإنّ استخدام بيداغوجية حل المشكلاتيزيد من ارتباط المدرسة بمحيط التلميذ وبواقعه المعيش، لِمَا تتميَّز به منتدريبات عملية ونشاطات عقلية تثير لدى التلميذ كَوَامِن التفكير، وترسِّخ لديْهالعديد من القدرات العقلية ( كالتفكير الناقد-إصدارالأحكام الصحيحة - اقتراح الحلول المختلفة- دقةالتعبير- وزن الأدلّة...)اعتماداً على نفسه وعلى مجهوداته الذاتية، وعلى العمل الجماعي التعاوني في اكتشافوبناء المعرفة. والمعرفة المكتسبة بهذه الطريقة تؤسَّس على مجموعة عمليات ديناميةأساسها الشعور والوعي بأهمية الوضعية/ الإشكالية(المدخلات)، وفحواها القيام بنشاطاتعقلية-حسية-حركية (المتخللات) للوصول إلى النتيجة المعرفية المتوخاة: حل المشكل (المخرجات).إنّ معالجة المدخلات وتنظيم المتخلّلات، وتوجيه المخرجات، والإفادة من التغذيةالراجعة هي إجراء لا يتجزأ من العملية العقلية المسماة بـ "التفكير"
- ماهي منهجية حل المشكلة ؟
إنّ الإقبال على أيّ نشاطيستلزم إعداده، أي رسم خطة عملية ملائمة قبل القيام بعملية التدريس، أي عمليةتنفيذ الخطة.وماأشبه عمل المعلم بعمل قائدالجيش الذي يستعدّ للحرب بأن يضع "استراتيجية"مُحكمة قبل خوْض المعركة التي يُظهر فيها"تكتيكات" مدروسة ومضبوطة تؤدِّيإلى النصر. والمعلم- كذلك-
قبل أن يقوم بـ"تكتيكاته" داخل القسم أو خارجه، عليه أن يتأهّب له بـ "استراتيجية"تجعل من هذه التكتيكات عمليات ناجعة ومثمرة .
فماهي استراتيجية طريقة حلّ المشكلات؟
إنّ هذه الاستراتيجية تُبنى على خمس مراحل (خطوات) حصرها "جون ديوي" في كتابه " كيف نفكِّر؟ " كالآتي:
- •الشعور بالمشكلة وتحديدها.
- افتراض الحلول المحتملة وصياغتها.
- جمع البيانات والأدلة والأسانيد لتطويق المشكلة.
-اختبار مدى صحة " الفرضيات " عن طريقالتعليل الاستقرائي.
•-إقصاء "الفرضيات التي ثَبُت خطؤها، وإبقاء الفكرة الصّائبة التي جاءت بالحلالنهائي للمشك
1- الشعور بالمشكلة وتحديدها:
إنّ أوّل عملية يقوم بها المعلم هي إثارة اهتمام تلاميذه وتحسيسهم بوجود مشكلة تتطلب بدل الجهد من بحث وتنقيب، وعمل فردي وجماعي، وتعاون خالص لإيجاد حل لها. ومتى نجح في هذه الإثارة، ضمِن إقبالهم على الموضوع، وتحمُّسهم له، لأنّ الفرد محتاج بطبعه إلى الشعور بأنّه عضومنتج في عمله، حرٌّ في - بعض- تصرّفاته وتفكيره، فاعل إيجابي فيما يُكلَّف به من أعمال، فضلا عن أمله في الاطمئنان إلى أنّ ما يمارسه من عمل يؤهِّله فعلاً لحياة المستقبل...

هذا،وإنّ هذهالإثارة لعمليات البحث والتفكير ، ينبغي أن تكون إثارة قصدية - غائية - توجّه نشاطهم نحو أهداف معيَّنة يكون التلاميذ علىبيِّنة منها، مدركين لأهميتها. إذن، يبدأ نشاط الفكر بالإحساس بوجود الإشكالية،فيعمل على تحديد مجالها بدقة، وضبط مكوِّناتها وعناصرها، واستدعاء (استرجاع)المعلومات القبلية ذات العلاقة المرجعية بها، والتساؤل حول بعض مفاهيمها وعناصرها التي يكتنفها الغموض وتحُول دون فهمها.
2-افتراض الحلول المحتمَلة وصياغتها:
بعد الإثارة والإحساس بالمشكلة، وتحديد مجالها، وإبرازأهمِّ عناصرها بواسطة أسئلة توجيهيةهادفة مكَّنت التلاميذ من حصر المشكلة وتطويقها وتنظيم متطلباتها ومكوّناتها،يساعدهم المعلم- في هذه الخطوةالثانية– علىاقتراح الفرضيات الممكنة التي تبدو-مبدئياً- ملائمة لتفسير المشكلة. وهذه الفرضيات ماهي إلا مجرّد تخمينات أولية، يحاول التلاميذ من خلالها تبيان أسباب حدوث الوضعية/الإشكالية. أفكار كثيرة ومتنوعة،ومتضاربة في بعض الأحيان، ستتهاطل على المعلم، بعضها واقعي، وبعضها خيالي مبالَغ فيه...على المعلم أن يغربلها، فلا يقبل منها إلا ما يتفق ومبادئ التفكير المنطقي السليم. وهذه الفرضيات أو الاقتراحات المقبولة مؤقتاً، تأتي عرَضًا ومتقطعة في تفسير موقف، لذا، يقتضي الأمرُ إعادةَ صياغتها صياغة واضحة دقيقة، وتسجيلهاعلى جانب من السبورة، قصد إخضاعها -فيما بعد- لمحك الفحص والتمحيص.
3. جمع البيانات والأدلة والأسانيد لتطويق المشكلة :
تتكوَّن أفواج عمل داخل جماعة القسم، ويعيِّن كل فوج منشطاًومقررًا.
يدرّبهم المعلم على أساليب جمع المعلوماتوالبيانات وتنظيمها مما يُضفي قوة على بحثهم وضبطاً له
يوجِّههم إلى البحث في كل فرضية من الفرضيات المنتقاة.
•يضع المعلم بين أيديهم أو يرشدهم إلى بعض المراجع: كتب- مجلات- جرائد-خرائط- صور... وقد يستلزم الأمر تنظيم زيارات استطلاعية، مقابلاتأو تحقيقات...تمكِّنهم من جمع المعطيات والمعلومات. ونلاحظ أنّ مجال التعليم- في هذه الطريقة- لا يبقى حبيس جدرانالقسم، بل يمتدُّ إلى المكتبة، والبيت، والشارع، والمصنع، والمحيط الطبيعي...
يجمعون جميع البيانات والأدلة والأسانيد التي تؤيد أو تعارض كل فرضية على حدة. وهذه البيانات تأتي نتيجة الملاحظة والتجريب والسؤال والاستقصاء، والمطالعة والبحث في مراجع متعددة.
يعرض مقرِّر الفوج ما توصَّل إليه زملاؤه.
على المعلم،ألاّّ يبخل عنهم بالإرشاد السليم، والتوجيه السديد، والأخذ بأيديهم في تجاوز بعض الصعوبات، وتدليل بعض العراقيل التي تعترض مسارهم أثناء قيامهم بمهمة البحث.
4. اختبار مدى صحة الفرضيات عن طريقالتعليل الاستقرائي:
يجتمع أعضاء الفوج فيما بينهم لمعالجة ما توصلوا إليه من معطيات وبيانات مساندة ومؤيدة،أو معارضة رافضة للفرضيات المقدمة آنفًا، فيقومون بتنقيتها من الشوائب وممّا لاعلاقة له بصلب المشكلة، ويدعِّمونها بالأدلة الدَّامغة قبل الاجتماع ببقية أعضاءالأفواج، أيْن تُناقَش كل فرضية على حدة، قصد إقصاء ما يروْنه بعيداً عن الحل،والاحتفاظ بما يروْنه ملائماً لتفسير الوضعية/الإشكالية. ويتمّ ذلك- دائماً-بتوجيه من المعلم وإرشاده الذي يحتفظ بدور"المشارك المحايد" والذي يحاول، من حين لآخر، مشاكسةواستفزاز(استفزاز فكري بالطبع) بعضهم لإثارة نزعة الشك ( لقول أبي حامد الغزالي: " أليْس الشك هو الطريق المُفضي بالسَّالك إلى اليقين؟ ) ودفعهم للدفاع عن آرائهم محاولين إثباته، وإقناع زملائهم بصحة وصدق ما تقدموابه،مدعِّمين ذلك بالأسانيد والاستشهادات ، إلى أن يصل بهم إلى برِّ النجاة : الحل النهائي للمشكلة.
5. استبعاد الفرضيات الخاطئة وابقاء الفكرة الصائبة:
تُتوَّج هذه الطريقة بحوْصلة النتائج النهائية بعد مقارنتها، والعمل على تعميمها وتطبيقهاعلى وضعيات / إشكاليات مشابهة، فيوجههم المعلم إلى صياغتها في شكل قواعد وأحكامعامة وقوانين تكون بمثابة"مفاتيح" لحل مشكلات مماثلة.
الحوصلة:
لقداهتمّ الكثير من الباحثين بأدبيات"حل المشكلات" وطريقتها، يمكن استخلاصما يلي ممّا توصلوا إليه:
- التعرُّف على المشكل، أي إدراك وجوده والعمل على ربطه بفئة من الوضعيات.
- التعرف على المعطيات أو المتغيرات غير الواضحة في الوضعية / الإشكالية، لكنها ضرورية للحل
- طرح المشكل،وهذا يؤدي إلى تطويق الوضعية النهائية، وترجمة الوضعية الأولية في صياغة أكثر وضوحاً ودقة.
- التأكُّد من امتلاك جميع العناصر الضرورية للحل، والبحث عن إكمال ما نَقُصمنها.
- تحديد خطة أو استراتيجية البحث للسيْرورة التي تقود إلى الحلجمع المعلومات ومعالجتها.
- تنفيذ الخطة، صياغة بعض الفرضيات التي تنتهي بتوليفات(Combinaison)للطريقة الممكنة للحل.
- تنفيذ الطريقة المتبنَّاة، مع مراقبة - من حين إلى آخر- أنّ كل خطوة قطعت تقرِّب من الحل النهائي.
- مراجعة النتيجة، وفي حالة الإخفاق، مراجعة الخطوات، خطوة تلو خطوة،للكشف عن التي كانت سبباً في الفشل، والتي تَأَكَّد عدمُ صلاحيتها من أجل تعديلهاأو تغييرها.
- ضبط الحدود المحتملة لصلاحية أو ملاءمة الحل (معايير)
- تقييم المنتوج، أيْ اصدارحكم على ما إذا كان الحل المحصل عليه منسجمًا مع بعض المعاييرالتي تمكِّن من الحكم على مدى مطابقته للوضعية / الإشكالية، والحكم على حسن تطبيقها.

إنّ من أهمِّ ما يؤكِّد عليه الباحثون في هذا المجال، والذي يضمن الاهتداء إلى الحل النهائي المناسب، طريقة جمع المعلومات والمعطيات، وكيفية معالجتها، لكونها خطوة جوهرية في طريقة حل المشكلات...
4- بيداغوجية المشروع لــ " ديوي– John Dewey".
إنّها طريقة ذات علاقة مباشرة بفلسفة"ديوي" ولكنّها تختلف كثيراً عن الطرائق السابقة. بالنسبةلــ"ديوي" ترمي طريقة المشروع إلى غرضيْن أساسييْن: توفير مضمون حيّ وملموس للتعليم يسمح بتأقلم التلميذ مع الحياة من جهة، وخلق دوافع وتحفيزات قويّة للطفل من أجل القيام بمختلف النشاطات السيكولوجية التي تؤدّي إلى حلّ للمشكل منجهة ثانية.
من المبادئ التي أسس عليها ديوي بيداغوجيته:
- التربية هي عملية نموّ متكامل.
- تركيز النشاط المدرسي على نموّالأطفال.
- تكييف مبدإ الاهتمام بمبدإ الجهد.
- عدم فصل المدرسة عن المجتمع.
يمكن اعتبار هذا المبدإ الأخير أهمّ مبدإ يؤكّد عليه "ديوي" لأنّ المدرسة جزء من المجتمع، إنّها من المجتمع وإليه، إنّها وسيلته لإحداث التغيّرات الدائمة على الفرد وعلى الجماعة قصد تحضيره لحياة مستقبلية... ومن ثمّ، فإنّ الهدف من التربية هو بثّ الروح العلمية لديْه، والتفكير الناقد بُغية تنمية ذكائه، ابداعاته وصقل شخصيته.

ومن هذا المنظور، فإنّه يوصي بـــمراعاة حرية الطفل مع احترام ميوله، وكذا بضرورة ربط المدرسة بالمجتمع والمجتمع بالواقع المدرسي ؛ وهو، بهذا، يؤكّد على ضرورة فسح المجال أمام الطفل للتعبير عن طاقاته،واستغلال قدراته وملكاته حتّى يتمكّن من تنمية كفاياته الإبداعية وبالتالي يُصبح عنصراً فعالاً في المجتمع.

لقد ثار "ديوي" ضدّ المدرسة الكلاسيكية التي كان شغلها الشاغل هو المادّة العلمية وما يجب تلقينه للطفل وهي بهذا تعتبر الطفل مجرّد جهاز استقبال سلبي عليه أن يستمع ويختزن المعلومات ليكون المجتمع راضٍ عنه، في حين، إنّ المدرسة النفعية تسلّط اهتمامها الكامل على هذا الطفل الذي ينبغي إعداده الإعداد الأمثل للحياة العملية .

ومن بين الطرائق التعليمية التي انبثقت عن هذه الفلسفة البراغماتية، الطريقة المؤسسةعلى بيداغوجية المشروع التي ترتكز مبادئها على العناصر الآتية :








وفي هذا الصدد، يقول"ديوي" : « التربية هي تنظيم لفعل الفرد التشاركي بمعية بقية أفراد المجتمع، تشاركٌ واعٍ، قصدي في حياة المجتمع الإيجابي. ولا يُمكن النهوض بأيّ إصلاح اجتماعي ما لم نوجّه نشاط وتفكير الفرد نحو المشاركة الفعلية في حياة المجتمع وإنجازاته ».
بيداغوجية المشروع« لا يمكن العيْش من دون مشروع »
.إنّها ضرورة حياتية نادى بها كلّ من "كارل روجرس" و "جانبياجي"...إنها طريقة بيداغوجية خطت طريقها وبرهنت عن فعاليتها في الحقل التربوي.

بالفعل، كلّ بيداغوجية تحاول الانسلاخ عن"الوصفات المفبركة الجاهزة" وعن العفوية من أجل حشْد تحفيزات الطفل تلجأ إلى "المشروع"، إلى فكرة منظّمة للفعل وبخاصة إذا كانت مشترَكة بين العديد من الأفراد. ومن هذا المنطلق، فإنّ التصوّر الذي عالجناه من خلال العمل في مجموعات يتّفق تماماً والتصوّر الذي نرتئيه لبيداغوجية المشروع. أملنا أن تتوسّع هذه النظرة في مدارسنا من أجل تطوير: تعدّدية المواد التي تبرّر البحث في الأشياءالملموسة؛ المناسبات البيداغوجية الناتجة عن اكتشاف المحيط؛ تعدّد الأعمال التي تتطلّب النّفَسَ الطويل (تحرير جريدة مدرسية، تحضير حفل مدرسي: معرض، مسرح...).لكن، ولاجتناب كلّ إرهاق أو انحصار، يجب أن يُنجَز المشروع في حدود معقولة من حيث الحجم والوقت.
خصائص بيداغوجية المشروع:
يُمكن حصر خصائص بيداغوجية المشروع فيمايلي:
1)- لِموضوع الدّراسة أو الإنجاز ونوع نشاط التنفيذ قيمة وجدانية بالنسبة للطفل. إنّه التزم شخصياً وعن طواعية بالقيام بمهامّ معيّنة في إطار مشروع محدّد سواء أكان هذاالمشروع شخصياً أم لا، لأنّ المشروع قد يكون محدّدا ضمن بيداغوجية التعليم/التعلّم كما قد يكون ناتجاً عن مجهود قام به الأستاذ ذاته أو أحد التلاميذ؛ لكن،تعتبر درجة احتوائه وتبنّيه من طرف التلميذ أساسية.
2)- في بيداغوجيةالمشروع، يتولّى فريق من التلاميذ مهمّة معالجة موضوع الدّراسة أو القيام بالنشاط،ممّا يترتّب عن ذلك توزيعٌ للأدوار والمسؤوليات. قد يكون المشروع شخصياُ، لكنّ هذا ليس في صالح تكوين الطفل وتنمية قدراته وكفاياته؛ وحتّى في هذه الوضعية تكون روح الجماعة حاضرة كضابطة لسيْر العمل، منشّطة وموجّهة ومُقوِّمة له. وكلّ تقسيم مفروضعلى التلاميذ من قِبل الأستاذ يُعتبَر مثبّطاً لعزيمتهم وإرادتهم وبالتالي مؤثّراً تأثيراً سلبياً على الجانب الذي أسلفنا ذكره في الخاصية الأولى: القيمة الوجدانية كعامل أساسي.
3)- إنّ تنفيذالمشروع يؤدّي إلى توقّع جماعي لمختلف مراحله وللهدف المنشود. يجب أن يتّصف النشاط الذي سيكون محور العديد من الحصص، بالمرونة الكافية حتّى يسمح بإعادة التوجيه وإدخال التغييرات اللازمة متى اقتضت الضرورة ذلك بعد كلّ مناقشة أو اتّخاذ قرارجماعي، لأنّ مخطط المشروع، يُنجَز أصلاً، أثناء وبعد مناقشته من طرف الفريق أيًن تُوزّع الأدوار المذكورة في الخاصية الثانية.
4)- يجب أن يؤدّي كلّ مشروع إلى إنتاج منتظَر من طرف مجموعة أوْسع (بقية الأفواج) والذي ينبغي أنينال رضاها. المشروع في شكله النهائي، سواء أكان معرفياً أم إنتاجا تقنياً أمفنّياً، يجب أن يُقدَّم للمجموعة الموسّعة في شكل فنّي رائع. إنّه تتويج لعمل شاق ومجهود كبير، لِذا فإنّه يُعتبَر عاملاً هامّا من عوامل القيمة الوجدانية (الخاصيةالأولى).
5)- من طبيعة تنفيذالمشروع التحسّس والمحاولة، لِذا، تُعتبَر كلّ برمجة صارمة يفرضها الأستاذ في البداية مناقضة لبيداغوجية المشروع. إنّ المواجهة المستمرّة بين الهدف المرصود وشروط تحقيقه هي التي تمثّل أهمّ عمل تتجلّى من خلاله استقلالية التلميذ، إبداعاته ومَجْمَعَتُه (Socialisation).بناءً على الصعوبات والعوائق التي تصادف تقدّم العمل، يقوم أعضاءالفوج بإعادة توجيه الخطّة وتغيير الأسلوب والوسائل...
6)- تنفيذالمشروع يقتضي مراوحة تناوبية بين العمل الفردي والعمل الجماعي، بحيْث يسمَح للتلاميذ العمل بشكل فردي تارة وجماعي تارة أخرى. ومهما كان الإنتاج فردياً (وهذا نادراً ما يحدث) فإنّه سيخضع للقرار الجماعي. يجب أن يُحافظ أعضاء الفوج على طابع التعاون دون أن يُحدِث ذلك تداخلاً في المهامّ والأدوار الموزّعة قبلياً.
7)- يتمثّل دور الأستاذ في الضبط (Régulation)، التنظّيم والتوجيه ولا يتدخّل إلاّ نزولاً عند رغبة أعضاء الفوج لا غيْر. إنّه دوْر حسّاس يُقصي كلّ تدخّل دوغماتي غير مرغوب فيه، كما يلغي كلّ توكيل إرادي بديل لإرادةأعضاء الفوج (هذا بالنسبة للأستاذ)، لكنّه في ذات الوقت، لا يقبل أيّ تخلٍٍٍّّ عن مسؤولية تحمّلها التلميذ عن طواعية أو أيّ تراجُع عن التزام قطعه على نفسه (وهذابالنسبة للتلميذ).

إنّ ما أوردناه يدلّ على أنّ المشروع ينطبق على بيداغوجية المحاور كما ينطبق على بيداغوجية الأهداف، بحيث، يمكن أن يكون المحور موضوع المشروع، أمّاالأهداف، فلا يمكن أن نتصوّر مشروعاً دون أهداف محدّدة. وهنا يتجلّى دور الأستاذ الفعّال، لكوْنه يعرف الأهداف، يعرف الوضعيات الإشكالية، يعرف الأهداف المانعة،يعرف الفرص المواتية ضمن المشروع القابلة للتحقيق، ومن ثمّ، يعمل على توعية التلاميذ بهذه التفرّعات والتّداعيات بالتدريج مع تقدّم الأعمال.

تعتبر بيداغوجية المشروع ناتجاً من نواتج مجموعة من المساعي داخل المؤسسة،وهي بذلك، نقطة انطلاق لكلّ تفكير وتأمّل في نشاط معيّن، في التعلّم، وفي المشروع ذاته. ومن ثمّ، لا يمكن أن نتغاضى عن بعض التساؤلات مثل: كيف يتعلّم الطفل؟ ما هوالنهج الذي سيسلكه في تعلّمه؟ ما نوع المساعدة التي ينتظرها منّا؟...

الطفل يتعلّم وحده بفضل محاولاته ومجهوداته الخاصة، وهذه حقيقة لا يُنكرها أحد: عن طريق العمل والمحاولة يبني الطفل معارفه وتعلّمه. لكنّنا، كثيراً ما،نُخلِط بين التعليم والتعلّم من خلال قولنا للطفل: سيُعلّمك الكتابة، سيُعلّمك القراءة، سيعلّمك اللعب... هذا النوع من التعليم لا يقترح نشاطات ذات أغراض حقيقية، بل هي وضعيات اصطناعية يُحدِثها الكبار الذين يستخدمون المضامين المعرفية كما يستخدمون الأطفال – في نفس الوقت - حسب اهتماماتٍ يصفونها بالبيداغوجية.

سيُحدِث المشروع نشاطات ذات غرض مفيدٍ، جادٍٍّّ، من شأنه أن يحوّل إطارحياة الطفل داخل المدرسة وخارجها. ومع ممارسة هذه النشاطات سيتجسّد التعلّم، مثل تعلّم القراءة والكتابة والحساب (الرّاءات الثلاثة )فيُصبِح حقيقة ملموسة. إنّنا في حاجة إلى الخلق والإبداع لنتطوّر، ولتصبح هذهالوضعيات التعلّمية (القراءة، الكتابة والحساب) وظيفية.

من خلال محاولتنا فهم مخطط النشاط يمكننا إدراك مفهوم المشروع أفضل:
- في البداية، توفير مناخ ملائم أيْن سيتمكّن الطفل من اكتشاف مجموعة من المتغيّرات (التوازن، الألوان، الذّوق، التناغم...)،ثمّ، تجربة، أي البحث عن تصرّفات أكثر تبصّراً وتأثيراً على الوسط. إنّ نصيب المحيط المجاور يبقى ذي أهمّية تُذكَر، أي إنّ التجربة ستقوم بإدراج مجموعة من الثوابت (Paramètres)التي يصعب التحكّم فيها في البداية. وبتوليف ( en combinant)المتغيّرات مع الثوابت نصل إلى مرحلة حاسمة من النشاط، أي إنّ نصيب الطفل يصبح أكثر أهمّية.

وبهذا، يُصبح الإبداع فعلاً عملياً واعياً للفرد على المادّة، أي على الوسطممّا يجعل تدخّلاته أكثر تحكّماً في العناصر التي سيقوم بتجربتها فيصبح النشاط أكثر وضوحاً.
يؤكّد "ديوي" على أنّ الطفل الذييُعِدّ مشروعه أو يشارك في إعداده سيكون أكثر اندماجاً وأكثر التزاماً بالموضوع وسيسخّر كلّ طاقاته للوصول إلى الحل .
ماهي منهجية بيداغوجية المشروع ؟
إنّ الإقبال على أيّ نشاط يستلزم إعداده، أي رسم خطة عملية ملائمة قبل القيام بعملية التدريس،أي عملية تنفيذ الخطة.وماأشبه عمل المعلم بعمل قائدالجيش الذي يستعدّ للحرب بأن يضع"استراتيجية" مُحكمة قبل خوْض المعركة التي يُظهرفيها"تكتيكات" مدروسة ومضبوطة تؤدِّي إلى النصر. والفريق التربوي - كذلك قبل أن يقوم بـ "تكتيكاته" داخل القسم أو خارجه، عليه أن يتأهّب له بـ "استراتيجية" تجعل من هذه التكتيكات عمليات ناجعة ومثمرة.
ماهي مساعي بيداغوجية المشروع:
المرحلةالأولى : التحضير.
- يتكيّف فريق التأطير مع المضمون...
- يحدّد الفئة المستهدفة...
- اختيار الموضوع...
- اختيار حقل أو إطار التدخّل...
- تحديد مدّة الفعل البيداغوجي وشروطه...
- توفير الوسائل والوسائط لتنفيذ المشروع...
-المرحلة الثانية: ميلاد المشروع.
إنّها مرحلة أوّل اتصال بين أعضاء الفوج والمؤطر. من شأنها إدماج كلّ فردفي الوسط (المعمعة)، تسمح له بالمقاربة الأولى، تمدّه بالمعطيات والمعلومات الأساسية، تحفّزه للبحث والعمل الجماعي، تسمح له بتقديم وجهات نظره، بالتساؤلات حول الموضوع... بلورة هذه المعطيات تسمح للفوج بإبراز إشكالية (الوضعية الاشكالية)أو رغبات (فتح الشهية). ومن هذا المنطلق، يستخرج أعضاء الفوج مشروعات ممكنة التحقيق، فيتّفقون على أحدها ويحدّدون الغاية المنشودة والأهداف المرصودة، كمايضبطون الاستراتيجية العملية التي يتبنّونها في تنفيذ المشروع، وقد يتصوّرون المنتوج النهائي الذين يسعوْن إلى تحقيقه.
- المرحلة الثالثة : تصميم المشروع.
يصفِّي أعضاء الفوج المشروع ويحدّدون المضمون (تفاوض، إعادة الصياغة،توضيحات...) لكي يُصبح مشروع المجموعة من جهة ومشروع كلّ فرد ينتمي إليها من جهة ثانية. يقومون بالتخطيط والتصميم (برمجة المهام وتوزيعها على الأعضاء، توفير الوسائل الضرورية لتحقيقه، تحديد الآجال...).
- المرحلةالرابعة : تنفيذ المشروع.
يؤدّي أعضاء الفوج كلّ المهام والأنشطة المتّفق عليها، ثمّ يقومون بانجاز الانتاجات المتوقعة التي يُخضعونها للترشيد والتعديل والإثراءوالتصويب إلى أن يصلوا إلى التقرير النهائي. إنّها أطوَل مرحلة من حيْث المدّة الزمنية بالنسبة لكلّ المراحل. يصعب تقعيد وتجسيد تلاحق بعض أحداثها لأنّ تحقيق بعضها قد يسفر عن معطيات جديدة حول المشروع لم تكن في الحسبان، وهذا قد يفرض اعادة النظر في بعض الأهداف البنائية المسطرة ، أو برمجة مهام جديدة غير متوقّعة من قبل...في كثير من الأحيان، تفرض توقفات للمناقشة والبحث أو الحوصلة، اعادة صياغة الاشكالية واعداد خطة عمل جديدة لمواصلة المهمّة...
-المرحلة الخامسة : عملية الارجاع والعرض.
يقدّم (يعرض) كلّ فوج للأفواج الأخرى نتائج أعماله. إنها مرحلة تواصلية ذات بُعدٍ يتعدّى إطار التربية والمحيط؛ من الناحية البيداغوجية :
- إنّها مرحلة تعليلية بحيث يقوم أعضاء الفوج بشرح وتوضيح ما توصّلوا إليه، ذِكرِالعقبات والحواجز التي اعترضت عملهم وكيفية تجاوزها،...
- إنّها تمثل احترام الآجال المحدّدة لتنفيذ المشروع ...
- إنّها تثمّن البحث وتعطيه الطابع الاجتماعي...
-المرحلة السادسة : التقويم.
التقويم جزء لا يتجزّأ عن المشروع. إنّه يتمثّل في تحليل المساعي المنتهجة وتقويم المنتوج (بالنسبة للمشاركين في انجازه، لفريق التأطير، للوسط، للسياق الاجتماعي...).
- المرحلة السابعة : تقويم ما بعد المشروع.
يجدر بأعضاء الفوج أن يشخّصوا العراقيل والصعوبات التياعترضت سيْر الإنجاز ومدى تأثيرها على مختلف المشاركين، كما عليهم أن يقيسوا مدى تأثير المشروع المنجَز على بقية الأفراد وملاحظة نتائجه في الميدان.
بيداغوجية المشروع وعدّة التقويم:
ينبغي –في هذا الإطار– أن تعتمد سياسة التعليم والتكوين على بيداغوجية المشروع إذا أردنا العمل على تنمية هذا الاستعداد البنائي لدى الأطفال مستقبلا. لأنّ بيداغوجية المشروع تسمح – ليس فقط للتلاميذ- وإنّما للمعلّمين، كذلك، الذين يدخلون في مسعى تكويني، انطلاقاً من تجربتهم المهنية ونواياهم في التغيير، تحرّي الدّقّة في مشروعهم الحالي والتفكير في كيفية تطويره والارتقاء به إلى مشاريع جديدة.
إنّ بيداغوجية المشروع تعتمد (J.P.Boutinet-1990)على فلسفة التجربة التي لا تعترف بالفصل بين التنظير والتطبيق.إنّها"بيداغوجية الامتلاك" (Pédagogie de l'appropriation). إنّها لاتنغلق في التحديد الصارم مثلما هو الشأن في بيداغوجية الأهداف، وإنّما تسعى إلىالطموح والانفتاح؛ إنّها بيداغوجية الشك (Pédagogie de l'incertitude).
يساهم التقويم في تحويل المتعلّم المعدِّ لموضوع دراسته إلى "فاعل" لتكوينه الخاص.
يندرج مشروع المدرسة في إطار مقاربة معقّدة، ويؤخذ هذا التعقيد في الاعتبار متى كان التقويم ذاتُُه مؤسساً على منطق الضبط (La régulation). البحث عن الرّشاد والصواب في هذا المجال،لا يستند إلى نموذج مرجعي واحد وإنّما إلى تفاعل وتداخل مجموعة من الأنظمة المرجعية:
- تأسيس شروط التعلّم المثلى بإدراج عدّة التقويم في مشروع التكوين/ التعلّم.
- تنظيم شروط تقويم تحترم النصوص الرسمية.
- تشجيع التفاعل بين المساهمات الجامعية والمهنية
- جعل المتعلّمين في وضعية مُعِدّي المشروع ومقوّميه.
- تمكين لجنة التحكيم من تركيز مساعي التقويم على مدى قدرة استقلالية المتعلّم.
- وضع عدّة التقويم في تلاؤم (Pertinence) مع أهداف التكوين/ التعلّم.
المبادئ:
تقتضي مساعي التقويم معرفة الموضوع ومدى تطابق (l'adéquation) صياغة السؤال بإجابة المتعلّم. وإنّنا بمطالبتنا المتعلّمين بأن يُعِدّوا الأسئلة، بأن يُجيبوا عنها، وأن يقوّموا انتاجاتهم (إجاباتهم)، فإنّنا نقترح عليهم اتّجاهيْن: الاستقلالية (l'autonomie) والضبطالذاتي (L'autorégulation)،وهما عاملان أساسيان لمساعى كلّ مشروع. وتبقى معايير التقويم المحدَّدة من طرف المدرسة والمبلَّّغة إلى كلّ من المتعلّمين والمكوّنين هي محاور التقويم الأساسية.

تقترح بيداغوجية المشروع إطار عمل، كما تقترح تجزئة النشاط إلى سلسلة من المقاطع المحدّدة تنسجم فيما بينها وتتّسق في ترتيب تراتُبي منطقي، كما تمثّل سنداً للتدرّج نحو بلوغ الغاية.

يبدأ المنشط بتقعيد (التقعيد الاستنباطي- Formaliser) مضامين مختلف المقاطع الجزئية. دور المنشط أو المؤطر أن يرسم الطريق ويحدّد المعالم التي تؤدّي بالفوج إلى أن يعيش في وسط معيّن وضعيةًٌ إشكالية معيّنة، ويبحث عن مَخرَج له. بعد عملية الفهم وتوضيح المسار، تتدخّل غبطة الأعضاء واندفاعهم الذي تتولّّد عنه الرّغبة في السيْر قُدُماً نحو الهدف، الرغبة في المزيد من المعرفة حول الموضوع، الرغبة في البحث في أعماقه وأغواره (وهنا،نُلفت انتباه المعلّم إلى ضرورة انتقاء أو اقتراح المشروعات ذات العلاقة المباشرة بواقع التلميذ ومحيطه). وفي هذا الإطار(بعد عملية الشرح والتوضيح) ينسحب المنشط لكنّه يبقى يُراقب سيْر الأعمال عن بُعد ويجتنب التدخّل إلاّ عند الضرورة القصوى، يبقى المسؤول الأوّل والضامن لِسَداد سيْر التلاميذ في بحثهم. إنّه يعتمد على الزعماء (زعيم كلّ فوج) ويحاول أن يخفّف من توتّرهم وانفعالهم. يُعاتب المجادلين ويُدمج المتشكّكين، يتأكّد من حسن الإصغاء. إنّه مجرّد مشارك يقترح العناصر، المعارف،الأفكار حسب الموضوع المعالج ممّا يسمح للأعضاء بتحقيق أبحاثهم، بإنجاز مهامّهم،بإشباع رغباتهم أي تحقيق المشروع. في خضمّ هذا انشاط والتفاعل، يكون المتعلّم في وضعية ممثّلٍ ( un acteur) وهذا ما يُضفي على نشاطه معنى، يحفّزه ويُدمجه في وسطه المصغّر.

إنّ بيداغوجية المشروع لا تعتبر المتعلّم مجرّد "اسفنجة " تمتص المعارف، وإنّما ترشده إلى طريقة البحث عنها، تدرّبه على التفكير الناقد، على كيفية تمحيص، تحليل وتركيب مكتسباته الجديدة التي تحصّل عليهابمجهوده الخاص وعلى كيفية ادماجها بالمكتسبات القبلية.

لعلّ مثالية مجتمع عصري ينشد العقلانية،الذي يعترف بالحرّيات الفردية، أن يسمح ويشجّع التلاميذ على بناء مشروعاتهم في نفسالوقت الذي يلتزمون فيه بمشروع المؤسسة الثقافي. وهذا الانخراط والالتزام يتّفق بما يُسمَّى بالنزعة: تغطية مشروع شخصي بِرِهانٍ ثقافي جماعي يجد فيه الفرد نفسه.على المدرسة أن توفّر الموارد لمشروع التلميذ من خلال الثقافة والمعارف الملقََّّنة ومن خلال التحفيزات والقيَم التي تسمح بإعداده. على المدرسة أن تكون فعّالة وتربوية في آن واحد. هذا النوع من صيغة تفخيم الأسلوب (Formule grandiloquente) والتناقض يسمح بفهم المسافة بين حقيقة مشروع التلاميذ وتمثلات الميكانيزمات المدرسية.




عن كتاب : " التدبير الاداري التربوي ومشروع المؤسسة "
عبدالمؤمن يعقوبي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مشروع المؤسسة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشروع المؤسسة + محضر تسليم المهام
» مشروع لتوليد الاسئلة بشكل عشوائى
» جديد شبكة الأجور=تصنيف الاسلاك و الرتب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإصلاح التربوي العام :: منتدى السادة المفتشين-
انتقل الى: