بسم الله الرحمن الرحيم إخواني أعضاء منتدى الإصلاح التربوي العام السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته . الحديث في هذا المقال سيكون عن الفقراء، وحين أقول الفقراء فإنني أعني أولئك المتعففين أهل الصلاح والتقى الذين لا يسألون الناس إلحافاً، ولا يتخذون من المسألة باباً يخادعون به الخلق ويحتالون في استجلاب الأموال. هذه الشريحة من الناس أقرَب النّاس إلى الأنبياءِ وأكثرُ أتباعِ الرّسل، قال جل شأنه حكايةً عن قوم نوحٍ عليه السلام: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}، وقال هرقل لأبي سفيان: سألتُك عن أتباعِ محمّد، فذكرتَ أنّ ضعفاءهم اتَّبعوه، قال: وهم أتباعُ الرسل. رواه البخاريّ. لقد أمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يكون إقبالُه عليهم، وأنزلَ الله العتاب في الإعراضِ عنهم: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى}. من لم يدنُ منهم أو يَأمر بالإحسانِ إليهم كان موبَّخًا في كتابِ الله: {كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ **وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}. صرَف الله عنهم فِتنةَ هذه الأمّة، قال عليه الصلاة والسلام : {لكلِّ أمّة فتنةٌ، وفتنة أمّتي المال} رواه الترمذي. يغضَب الله على من بخَسهم حقًّا من حقوقِهم، أصحابُ الجنة الذين ذكرَهم الله في سورة القلَم منعوا الفقيرَ تكثُّرًا لأموالهم، فأحرَق الله زروعَهم، {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ **فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}. الساعي عليهم كالمجاهدِ والعابد، قال صلى الله عليه وسلم: {الساعِي على الأرملة والمسكينِ كالمجاهد في سبيلِ الله أو كالذي يصوم النّهارَ ويقوم اللّيل} متفق عليه، وكان نبيّنا محمد عليه الصلاة والسلام أقربَ الناس إليهم، يتلمَّس أحوالهم، ويقضِي حاجاتِهم، يقول سهل بنُ حنيف رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاءَ المسلمين ويزورهم ويعودُ مرضاهم ويشهَد جنائزهم. رواه أبو يعلى، وكان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يكنَى بأبي المساكين؛ يحِبُّهم ويسكُن بجانبهم ويكثِر من الصدقة عليهم. لقد كان الخلفاء يطلُبون النصرَ بإكرامهم والبذلِ لهم، يقول الخليفة نور الدين رحمه الله وهو يقرِّب الفقراءَ إليه ويحنو إليهم: "هم قومٌ يقاتلون عنِّي وأنا نائم على فراشي بسهام لا تخطِئ" أي: بالدعاء. فأكرِموا أنفسَكم بإكرامهم وقضاءِ حوائجهم، ولا تحتقروا فقيرًا لقلَّة ذاتِ يده؛ ففي الفقراء عظماءُ وجهابِذة وحفّاظ ونُبَلاء. الإمام البخاريّ رحمه الله جمع كتابَه الصحيحَ الذي هو غرّةٌ في جبينِ الزّمان لم يكن عندَه ما يشترِي به طعامًا، بل كان يأكل من نباتِ الأرض، والإمام أحمدُ رحمه الله ـ الذي قال عنه الذهبيّ: "هو الإمام حقًّا وشيخ الإسلام صِدقًا" ـ يرهن نعلَيه عند خبّاز على طعامٍ أخذه منه. شاطِرِوا الفقراءَ أفراحهم وآلامَهم بالبشاشةِ والابتِسام، واجعَلوا الفقيرَ أحدَ أفراد أسرتِكم، وأحبَّوه وادنُوا منه مع حسنِ الملاطفة واللّين، ولتتأسَّوا بذوِي الكرَم والتواضعِ والسّخاء، يقول عثمان رضي الله عنه: "حُبِّب إليَّ من الدّنيا ثلاثة: إِشباع جائِعٍ وكسوَة العارِي وتلاوة القرآن". واخفِضوا لهم جناحَ الذلِّ بالعطاء، فالإنفاق عليهم من أسبابِ الثّبات على الدّين، سئِل النبيّ عليه الصلاة والسلام: أيُّ الإسلام خير؟ قال: "تطعِم الطعامَ وتقرأ السلام على مَن عرفت ومَن لم تعرف". رواه البخاري. اللهم حنن قلوبنا على الضعفة والمساكين واحشرنا مع رسول المساكين يا رب العالمين.. ودمتم بخير
منقول