في اجتماعات العائلة عادة لا ينقطع ابني محمد عن الشكوى؛ إذ يندر أن يتحدث دون نبرة التشكي المتكرر، بعبارات مثل (ماما لا يسمحون لي باللعب معهم)، أو (ماما لا توجد عندي ألوان كافية)، أو (ماما لقد جرحت إصبعي)، أو (ماما لا أستطيع أن أفك حزامي)، وغيرها الكثير والكثير؛ ليتبين فيما بعد أنه ليس هناك سبب واضح وراء شكواه؛ وهو ما يجعلني متوترة جداً في أغلب الأوقات حتى إنه بدا واضحاً أن أصدقاءه وباقي أفراد العائلة أصبحوا يتجنبونه ولا يلعبون معه. فماذا أفعل؟
يستخدم الطفل طريقة مزعجة (لهجة باكية، وشاكية) يستخدمها الطفل في الحصول على ما يريد.
تعتبر شكوى الطفل من الأمور الشائعة في السنوات الأولى من العمر؛ لأنه يجهل الطريقة التي يعبر بها عن متطلباته واحتياجاته؛ فهو يجرب كل الطرق، يتخذ الطفل الشكوى عادة بعد أن يكتشف أنها أكثر فاعلية في مساعدته على تحقيق رغباته أو جذب انتباه الآخرين، وحيث إنه قد اكتشف أن لهذه الطريقة مفعول السحر فإنه يفترض أنها ستعمل بالكفاءة نفسها دوماً.
لاحظ طفلك: ـ عزيزي المربي ـ أنت بحاجة إلى معرفة الدافع وراء تكرار شكوى الطفل، ومدة استغراقه عادةً (هل يحدث طوال اليوم، أم في أوقات محددة)؟ ولمن يوجه شكواه (لشخص معين، أم للكبار)؟ وما أشكال شكواه؟ فالطفل لا يلجأ إلى هذا النوع من السلوك إلا عندما يكون هناك سبب يدفعه إلى ذلك:
ما الأسباب وراء شكوى الطفل؟
ـ عزيزي المربي ـ الطفل بحاجة شديدة إلى أن يشعر بالاهتمام الإيجابي من قبلك؛ فهو لا يشتكي عادة إلا أن أحد احتياجاته الأساسية أو الفسيولوجية غير ملباة مثل (الحب، الحنان، التقبل، إطعامه في الوقت المحدد)، وغيرها الكثير ولمساعدتك على اكتشافها نورد لك بعضها فيما يأتي:
- شعوره بالتعب أو النعاس أو الجوع.
- معاناته مشكلة مرضية معينة لا يستطيع التعبير عنها.
- الجهل بأسلوب التواصل الصحيح.
- الرغبة في الحصول على شيء ما يريده ولم يحصل عليه (لعبة، حلوى).
- تجاهل الأهل المتعمد للطفل؛ وهو ما يجعله يجرب الكثير من البدائل لجذب الانتباه.
- قلة الاهتمام المفاجئ نتيجة ظروف عائلية مفاجئة جديدة (مولود جديد).
- المبالغة في تدليل الطفل.
- الرغبة في التجربة؛ فالطفل يسعى إلى تجربة سلوكيات مختلفة.
- تكليفه بمهام يعجز عن القيام بها؛ لأنها تفوق قدرته الجسدية.
- مطالب يعجز عن القيام بها؛ لأنك لم تحدد له ما ينبغي فعله بالضبط مثلاً "اذهب لترتب غرفتك"، فهذه العبارة غير مفهومة بالنسبة إلى الطفل الصغير تحت سبع أو ثماني سنوات، إنه بحاجة إلى أن تطالبه بأشياء محددة مثل "من فضلك ضع المكعبات في الصندوق والكتب فوق لرف".
- تقليد نماذج أخرى في المجتمع أو شخصيات الأفلام الكرتونية ونجوم الكوميديا، وتعلم لغتهم، والطريقة التي يتصرفون بها.
ـ عزيزي المربي ـ عندما يتبين لك الأسباب والدوافع والأوقات والظروف التي تحدث فيها شكوى الطفل فستكون مستعداً لاتباع أسلوب منتظم؛ لأنك ستكون في وضع يمكنك من التعامل معه بشكل فعال.
فلاش: إذا لم تتمكن من التصدي لهذه المشكلة مبكراً فسوف تتحول إلى عادة متأصلة في الطفل، ومن ثم يصعب التصدي لها.
فلاش: تذكر ـ عزيزي المربي ـ أنك قدوة، فاجعل من طريقة حوارك والتعبير عن متطلباتك أسلوباً صحيحاً يتعلم منه طفلك التعبير عما يريد.
كيف أتخلص من شكوى الطفل:
ـ عزيزي المربي ـ عندما تواجه مثل هذه المشكلة مع أطفالك لا تنظر إلى الأمر بشكل شخصي، بل تماسك ولا تظهر له غضبك؛ إذ إن الانفجار في وجه طفلك لن يصلح سلوكه، بل إنه يمثل شكلاً آخر من أشكال السلوك التي لا ترغب في أن ينقلها طفلك عنك.
- عرِّف طفلك بخطأ ما فعله؛ فقد يكون غير مدرك أن هذا السلوك خطأ، "أرجوك كف عن الشكوى"، فتلك هي الخطوة الأولى في تعريف الصوت لطفلك، ولا بأس من أن تنزل إلى مستواه، وتقول له: "لا أستطيع أن أفهمك عندما تتكلم هكذا".
فأنت بذلك ترشده إلى الطريقة الصحيحة في التواصل والتعبير عن رغباته.
- اثن على طفلك إذا أعاد ما يريد أن يقوله دون شكوى "ممتاز أنا الآن أستطيع أن أفهمك" أجب عن سؤاله أو علق على ما قاله حسب المطلوب، وهذا الاهتمام والانتباه مهم جداً في هذه المرحلة.
- تجاهل طفلك عندما تصدر عنه الشكوى، وكن مستعداً للثناء عليه مباشرة بعد تعديل سلوكه.
- أخبر معلمته في المدرسة بمشكلته والطريقة الفعالة التي اتبعتها معه؛ حتى يكون هناك تواصل بين البيت والمدرسة ولا يعود مرة أخرى إلى هذا السلوك.
ـ عزيزي المربي ـ بهذه الإجراءات البسيطة لن يتوقف الطفل كلياً عن هذا السلوك، ولكن سيقلله، وستشعر بالتحسن، إلا أن الموقف يمكن أن يتأزم فجأة، كما ينبغي لك ألا تستسلم، وتابع الطريقة نفسها كلما احتاج الأمر.
فلاش: إن الطفل سوف يعي مقصدك إن لجأت إلى أسلوب شيق، واستغرقت وقتاً لابتكار لعبة تناسب هذا المفهوم، فكر في تمثيلية أو قصة تتبادل فيها الأدوار.
بوكس: ـ عزيزي المربي ـ إذا كثرت شكوى طفلك أثناء زيارة الأصدقاء مثلاً، فعالج المشكلة معه على انفراد، وأفهمه أن استخدامه هذه الطريقة قد يؤدي إلى عدم تلبية رغباته، كما قد يجد زملاؤه الأمر مثيراً للإزعاج، ومن ثم ينفرون منه.