بعض الناس يهرب من أخذ القرارات و تحمل المسئوليات ، و يظن فيه من حوله أنه إنسان غير ناضج أنانى ، يفتقر للشجاعة و الجرأة .. لكن الحقيقة أن فكرة تحمل المسئولية قد تكون بالفعل لدى هؤلاء الأشخاص غير محتملة وبل و مثيرة للإنزعاج الذى يصل لدرجة الخوف المرضى ، فيخافون من نظرة الآخرين لهم و حكمهم عليهم و من مواجهة من حولهم بآرائهم و إختياراتهم أو يخافون من فقد إستقلاليتهم إذا إرتبطوا بغيرهم و أصبحوا مسئولين عنهم .
..................
و لا شك أن تحمل مسئوليات العمل و الأسرة و غيرهما تعد عبئا و جزءا من الضغوط التى تواجه كل منا و لكن إحدى الدراسات أثبتت أن 20% من الناس يولدون و لديهم حساسية مفرطة من الضغوط التى تواجه كل منا و يظهر ذلك عند تعرضهم لمواقف يجبرون فيها على المواجهة و تحمل المسئولية ، فيتملكهم التوتر و القلق الشديد و الذى لا يجدون منه مفرا إلا تجنب هذه المواقف قدر إستطاعتهم ، و هذا يجعلهم متهمين بالتخاذل عن مسئوليتهم ، و هذا السلوك يحلله علماء النفس بأنه ناتج عن رغبة مثل هذا الشخص فى إخفاء عيوبه و نقاط ضعفه - التى لا يرى فى نفسه شيئا غيرها - عن الناس ، فهو منذ طفولته تلح عليه صورة أنه ليس كفئا للقيام بأى شىء بمفرده ربما نتيجة محاولاته المستمرة لإرضاء والديه بما قد يفوق طاقته و سعيه الدائم للوصول إلى المثالية.
.................
و حين يفشل فى ذلك تهتز ثقته فى قدرته على القيام بأى عمل وحده و مع الوقت يصبح أسلوبه فى الحياة إما تسليم قياده للآخرين أو الهروب من مسئولياته ، و الحل يحتاج لتغيير بعض المفاهيم أو الأفكار لدى هذا الشخص منها أنه لن يستطيع الهروب إلى الأبد ، و فكرة أن يحاول و يفشل أفضل من أن يظل خائفا من التقدم خطوة نحو مسئولياته ، و ليس صحيحا أنه بهذا سوف يظل حرا بلا إرتباطات لأنه بتخليه للآخرين عن مسئولية قراراته و تبعيته الدائمة لهم سوف يفقد هذه الحرية تماما.
...............
و للمحيطين به دور لا يغفل ، فعليهم أن يكسبوه الثقة فى أنه لم يعد طفلا و فى أنه كأى شخص ناضج لديه القدرة على إتخاذ قرارته و تحمل تبعاتها للنهاية ، و بالتدريج سوف يستبدل هذه النظرة المتدنية لنفسه بنظرة أكثر واقعية و ثقة فيقبل على تحديات و مسئوليات حياته بنفس قوية مستعينا بربه و متوكلا عليه سبحانه.